وقاحة المتعلم
يحترق بعض المربين ومن أشهر سيف العلم في ميادين المدارس والجامعات
حينما يرى علامات اللامبالاة بادية على وجه من امتطى ذلول الجهل
وعدم التقدير لمن وقف أمامه ليلقي عليه ما ينفعه، ويرفع الجهل عنه.
فهذه تمضغ علكا في قاعة الدرس، والأخرى ترد على رسالة في جوالها
والثالثة قد استرخت على مقعدها ولم يبق إلا أن تلتحف ببطانيتها لتهنأ بأحلام سعيدة
ورحم الله أيام الصبا التي كنا نردد فيها (قم للمعلم..)
شوقي يقولُ وما درى بمصيبتي ... ( قُمْ للمعلمِ وفِّه التبجيلا )
اقعدْ فديتُكَ هل يكونُ مبجلاً ؟ ... من كان للنشء الصغيرِ خليلا
ويكادُ يقلقني الأميرُ بقوله : ... ( كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولا )
لو جربَ التعليمَ شوقي ساعةً ... لقضى الحياةَ شقاوةً وخُمولا
ولقد يهون الأمر عند كثير من المربين والمعلمين ويتسلحوا بالصبر
إذا رأوا العمالقة من العلماء ماذا يفعل بهم طلبتهم
ابن السكيت ( أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ت 244هـ) شيخ العربية
دين خير حجة في العربية هكذا قال عنه الذهبي .
قال عنه ثعلب: (أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت.)
وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز، فلما حضر،
قال له ابن السكيت: بم تحب أن تبدأ ؟
قال: بالانصراف.
قال: فأقوم.
قال المعتز: فأنا أخف منك، وبادر، فعثر، فسقط
وخجل، فقال يعقوب:
يموت الفتى من عثرة بلسانه * وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته بالقول تذهب رأسه * وعثرته بالرجل تبرا على مهل.
كأني بك تتبسمين لما حدث للمعتز فرحا بما أصابه، فكيف بجيل اليوم
مما أدى ببعض المعلمين أن يقول:
يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتهُ
إنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا