نسير في دنيانا ونتقلب فيها ومع تقلبها كل منا قد ركب سفينته .....وتبحر بنا سفن العمر في عباب السنين.. وترسو سفننا على شواطئها وحيث رست تزودنا بالمؤن .... تسلحنا بالعتاد .... ولكننا لا نعلم هل هذه المؤن وهذا العتاد يكفينا ؟؟؟؟؟ حتى ترسو على الشاطئ الأخر ...... هل نجد ضفة لهذا البحر أم أننا ننجرف إلى وسط العباب وتتلاطم أمواج البحر متلاعبة بنا وتنتهي المؤن و الأزواد وتتحطم السفينة ويبتلعنا الموج ؟؟؟؟؟؟
ورحلتنا بدأت وسفينتنا أبحرت و على شاطئ رست كل ذلك بفضل الله ونعمته
كانت على ضفة البحر مدينة رائعة الجمال متماسكة البنيان... متآلفة السكان.... وكانت الأخوة هي العنوان
دخلنا المدينة ورحبت بنا فقمنا نتجول في بساتينها الغناء... نتظلل في تلك الأفياء ... ننهل من معينها حتى الرواء
فكانت هي وطننا المعطاء...وكانت مدينتنا واسعة وعبارة عن ساحة ودور وبناء .... كنا نزور الأقارب
والأصدقاء .... كنا فيها اخلاء
مشينا وتعمقنا في ربوعها .... فوجدنا ينبوعا في وسطها .... حولوه الناس جموعا منهم من بنهل ومنهم من لها ...
فسرنا بين من ناهل ولاهي .... فأخذنا ننهل مع من ينهل من نبعه الصافي ..... و أمسكنا في اشفاق بيد اللاهي ...
بدأت أخوتنا تزداد .... وإلى النور ننقاد ..... بدا الأغلب بحمل الورق والمداد .... حلق ذكر ونور وقاد ...
ولكن هيهات هيهات أن يتركنا الشيطان ونحن نعيش لله وبالله ومع الله بدا بالوسوسة تارة وبالتغرير تارة
وبالتحسين تارة وبالتحوير تارة
يقول ابن القيم في هذا الصدد : (( ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله،
فيزين له الفعل الذي يضره، حتى يخيّل إليه أنّه أنفع الأشياء، وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له،
حتى يخيّل له أنه يضره، فلا إله إلا الله، كم فتن بهذا السحر من إنسان ! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان !
وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة !
وكم بهرج من الزيوف على الناقدين، وكم روج من الزغل على العارفين !)).
فصرنا بين افراط وتفريط...... بين تسويف وكسل وتثبيط
حتى أتت الفرقة وبدأ بالزحلقة فكثر اللغط وبدأ الغلط بجوار نبعنا الصافي
فما كان من الوالي إلا أن يردم هذا النبع حتى نبتعد عن التجافي
ولكن هناك الظامئ العطشان ..... والتائه الحيران .... هل نركب سفننا ونبحر مرة أخرى ؟؟؟؟
أم نصبر حتى يحدث الله بعد ذلك أمراً؟؟؟؟؟؟
هل سيحدث الفراق .... ويبقى الدمع في العين رقراق ؟؟؟؟
نعم ..
ما أصعب فراق الأحبة وما أصعب النسيان
فكيف بمن تربع على عرش الفؤاد ..... كيف بمفتاح الرشاد
ولكن ...
هل بعد الفراق لقاء وهل تعود النفوس إلى الصفاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فما أصعب الفراق وما أسعد النفوس بعد اللقاء
كل ما في هذه الدنيا شقا دمع وسراب .....كم قست يوم على الغض الرطيب
متى ما أضحكت يوم لابد من عذاب .....فمنا يشتكي وليس مثل فراق الحبيب
كل يشتكي ضن السحاب .....وصحاري القلب تشتكي الضن الجديب
والمآل لابد تحت التراب ......كغروب شمس عانقت وقت المغيب
وتمر بنا الأيام بحلوها ومرها غير عابئة بذا وذاك ورحيقها الدموع والأحزان.. وتمطرنا سحائب دموع وأشجان
وتكتوي بلظى الفراق.. آه ما أنكى جراح الزمان.. وما أصعب فراق الأحباب..